" عدم تطور شعب من الشّعوب يعود إلى عدم تسلّم  مثقفيه السلطة". لا شكّ أنّ هذه المقولة تستوقفنا وتسترعي انتباهنا وتثير تساؤلاتنا. لذا من المهم أن نعرف من هو المثقّف.

إنّ مفهوم  المثقّف يشير بشكل عام إلى شخص يتمتّع بثقافة واسعة ووعي عميق للقضايا الاجتماعيّة، وعادة يكون له دور فاعل في نشر المعرفة والتأثير على الرّأي العام. ويختلف تعريف المثقف حسب السّياق، ففي بعض الأحيان يشير إلى فنانين أو كتّاب أو مفكّرين، بينما يشير في أحيان أخرى إلى أكاديميين أو صحفيين أو ناشطين سياسيين. 

أما عن العلاقة بين المثقفين والسلطة، فيعتقد أنّ المثقفين  يملكون القدرة على تحليل الواقع وتقديم الأفكار الإبداعية والحلول العملية للتحديات التي تواجه المجتمع. كما يمكن للمثقفين لعب دور هام في التأثير على صانعي القرار وتوجيه مسار التقدم والتطوّر. 

لكن، تواجه العديد من الشعوب عوائق تحول دون مشاركة المثقفين في صنع القرار، مثل: الأنظمة الاستبداية التي تكمّم الأفواه وتقمع الحرّيّات كحرية التعبير. كذلك يمكن للفساد أن يعيق إمكانيات التغيير الإيجابي، إلى جانب ضعف الوعي المجتمعي بأهمية دور المثقفين في بناء المجتمع.

بالتالي، لا يمكن الجزم بصحة المقولة بشكل مطلق، فهناك العديد من العوامل التي تؤثّر على تطور الشعوب كالظروف التاريخية والاقتصادية والسياسيّة، التركيبة الاجتماعية والثقافية للمجتمع، دور القيادات السياسية والمؤسسات المختلفة. بالمقابل يمكن القول أن المشاركة للمثقفين في صنع القرار تشكل عنصرًا هامًا في مسار التطور والتقدم وذلك لأسباب كثيرة كقدرة المثقفين على تحليل الواقع وتقديم أفكار إبداعية، تمتعهم بوعي عميق بقضايا المجتمع واحتياجاته، قدرتهم على التأثير على الرأي العام وحشد الدعم للتغيير.  

هناك أمثلة تاريخية كثيرة تظهر دور المثقفين في قيادة حركات التغيير والتقدم كالحركة التنويرية في أوروبا، وحركات التحرر الوطني في أسيا وأفريقيا، وحركات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم، وهذا لا يعني أنه لا يوجد أمثلة على فشل المثقفين في تحقيق التغيير المنشود وذلك لأسباب كثيرة من بينها على سبيل المثال لا الحصر، عدم امتلاكهم القيادة وتشتتهم وانقسامهم حول الأهداف والوسائل، وتعرّضهم للقمع والتّهميش.

في الختام، لا بدّ أن يعطى المثقفون دورًا  في التوعية المجتمعية، فمسؤوليتهم كبيرة في نقد الواقع  وتقديم الحلول للتحديات. إن حريّة التعبير والإبداع يضمنان مشاركة فاعلة للمثقفين في بناء المجتمع.